شرح أهم مدارس علم النفس

شرح أهم مدارس علم النفس

شارك مع أصدقائك :

 

 

تلعب مدارس علم النفس دورًا جوهريًا في فهم طبيعة السلوك البشري وطرق التفكير، إذ تأسست على مر العقود نظريات وطرق علمية متنوعة تفسر العقل والوعي واللاوعي وكيفية معالجة المعلومات في العقل البشري. كل مدرسة تقدم زاوية نظر خاصة في تفسير الظواهر النفسية، مما أسهم في تطوير علم النفس الحديث على نحو شامل. في هذا المقال، نستعرض أهم مدارس علم النفس، ونلقي الضوء على أسسها ونظرياتها الرئيسية.

 

 مدارس علم النفس:

تستمد مدارس علم النفس قيمتها من تنوعها وعمق رؤيتها للنفس البشرية؛ فكل مدرسة تركز على جانب معين من السلوك أو الفكر، وتفسر الأسباب الكامنة وراء تصرفات الأفراد. لقد اسهمت هذه المدارس إلي حد بعيد في تطوير أدوات وأسس علم النفس التي ما زالت تُستخدم حتى اليوم في العلاج النفسي والبحث العلمي، مما يعزز فهمنا لكيفية عمل العقل وكيفية استجابته للمواقف المختلفة.

 

 المدرسة التحليلية النفسية:

تعد المدرسة التحليلية النفسية من أقدم وأهم مدارس علم النفس، وقد أسسها سيغموند فرويد في أواخر القرن التاسع عشر. تعتمد هذه المدرسة على فكرة أن سلوك الإنسان ودوافعه تتأثر بمكونات غير واعية تشكل جوانب عديدة من شخصيته.

النظريات الرئيسة للمدرسة التحليلية النفسية:

  1.      اللاوعي:

يشكل اللاوعي مصدر الدوافع والرغبات المكبوتة التي تؤثر في سلوك الإنسان.

2.      ثلاثية الهو والانا العليا:

يشير فرويد إلى أن النفس البشرية تنقسم إلى الهو (الغرائز الأساسية)، والأنا (التوازن)، والأنا العليا (الضمير).

3.      أهمية الطفولة:

يرى فرويد أن تجارب الطفولة تؤثر الى حد بعيد على تكوين الشخصية في المستقبل.

تعد المدرسة التحليلية مؤثرة للغاية في تطوير العلاج النفسي الحديث، خاصة في المجالات التي تتطلب استكشاف الجوانب اللاواعية.

 

المدرسة السلوكية:

تركز المدرسة السلوكية، التي أسسها جون واطسون، على دراسة السلوك المرئي والقابل للقياس، وتتجنب الخوض في التحليلات المعقدة للعقل غير المرئي. تعتمد المدرسة السلوكية على فكرة أن السلوك يمكن تعلمه وتغييره من خلال المثيرات والاستجابات، مع التركيز على تعزيز السلوكيات المرغوبة ومعاقبة السلوكيات السلبية.

المبادئ الأساسية للمدرسة السلوكية:

1-التعلم الشرطي:

تشير هذه النظرية إلى أن السلوك يمكن تعزيزه من خلال التحفيز أو التثبيط.

2-التعزيز والعقاب:

يقترح بورهوس سكينر أن السلوك المرغوب فيه يمكن تعزيزه بمكافآت، بينما يمكن تعديل السلوك غير المرغوب به من خلال العقاب.

تستخدم هذه المدرسة على نطاق واسع في مجالات التعليم والتدريب، حيث تعتمد على برامج التعزيز لتحفيز السلوكيات الإيجابية.

 

 المدرسة المعرفية:

تركز المدرسة المعرفية على فهم العمليات الداخلية التي تحدث داخل العقل البشري، مثل الإدراك، والتفكير، واتخاذ القرارات. تعد هذه المدرسة أن السلوكيات هي ناتجه عن عمليات عقلية معقدة تتطلب دراسة دقيقة.

المبادئ الرئيسة للمدرسة المعرفية:

1-الإدراك والتفكير:

تهتم المدرسة المعرفية بدراسة كيفية معالجة المعلومات واتخاذ القرارات.

2-التعلم الإدراكي:

يؤكد جان بياجيه على أهمية المراحل التطورية التي يمر بها الطفل في تطوير القدرة على التفكير المنطقي.

3-التغيرات العقلية:

يؤكد علماء المدرسة المعرفية على أن السلوكيات يمكن تغييرها من خلال تعديل الأفكار والمعتقدات.

تعد المدرسة المعرفية حجر الأساس لفهم الاضطرابات النفسية الحديثة، حيث تقدم تقنيات تعتمد على تغيير الأفكار السلبية.

 

المدرسة الإنسانية:

ظهرت المدرسة الإنسانية كرد فعل على المدرسة السلوكية والتحليلية، حيث تركز هذه المدرسة على تقدير الذات وقدرة الفرد على النمو وتحقيق الذات. يؤمن علماء المدرسة الإنسانية بأن البشر لديهم إمكانيات هائلة للتطور الشخصي، وأنهم يسعون بشكل طبيعي لتحقيق النجاح والرضا الذاتي.

المبادئ الرئيسة للمدرسة الإنسانية:

1-تقدير الذات:

تعزيز الشعور الإيجابي تجاه الذات لتحقيق الرضا.

2-التدرج الهرمي للاحتياجات:

قدم أبراهام ماسلو نظرية "تسلسل ماسلو" للحاجات، حيث يسعى الفرد لتلبية الاحتياجات الأساسية أولاً ثم ينتقل إلى حاجات أعلى.

3-العلاج المرتكز على الشخص:

يركز كارل روجرز على أن العلاج يجب أن يكون متمحورًا حول الفرد ومتطلباته الشخصية.

تسهم هذه المدرسة في تعزيز الصحة النفسية من خلال مساعدة الأفراد على تقدير أنفسهم والسعي لتحقيق أهدافهم.

 

مدرسة الجشطالت:

تعد مدرسة الجشطالت من المدارس النفسية الفريدة التي تركز على كيفية إدراك الإنسان للعالم من حوله ككل، بدلاً من التركيز على التفاصيل. ظهرت هذه المدرسة في ألمانيا في أوائل القرن العشرين، وقدمت فكرة أن العقل يميل إلى إدراك الأنماط الكاملة.

المبادئ الرئيسة لمدرسة الجشطالت:

1-الإدراك الكلي:

يرى علماء الجشطالت أن الإنسان يفسر المعلومات ككل بدلاً من أجزاء منفصلة.

2-مبدأ الشكل والأرضية:

يميل العقل البشري إلى إدراك الأشياء بحسب الخلفية والأشكال المحيطة بها.

3-التكامل:

يشير إلى أن العقل يسعى إلى تكوين كلي للأشياء وتوحيدها في صورة واضحة.

تستخدم مدرسة الجشطالت في العلاج النفسي والتقنيات التي تعتمد على تعزيز الإدراك الذاتي.

 

المدرسة البيولوجية:

تؤكد المدرسة البيولوجية على أن الأساس البيولوجي للجسم البشري يلعب دورًا كبيرًا في تكوين السلوك. تركز هذه المدرسة على دراسة الجهاز العصبي، والوراثة، والهرمونات، وغيرها من العوامل البيولوجية التي تؤثر في سلوك الإنسان.

المبادئ الأساسية للمدرسة البيولوجية:

1-تأثير الجينات:

تلعب العوامل الوراثية دورًا هامًا في تشكيل شخصية الفرد.

2-النواقل العصبية:

تسهم النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين في التأثير في المزاج والسلوك.

3-التأثيرات الهرمونية:

تلعب الهرمونات دورًا كبيرًا في السلوكيات مثل العدوانية والمزاج.

تساعد المدرسة البيولوجية في فهم كثير من الاضطرابات النفسية وتقديم العلاجات الدوائية المناسبة.

 

 المدرسة الاجتماعية الثقافية:

تركز المدرسة الاجتماعية الثقافية على تأثير البيئة الاجتماعية والثقافية على تطور الأفراد. تعد هذه المدرسة أن السلوك البشري يتأثر إلى حد بعيد بالعوامل المحيطة به مثل العائلة، والثقافة، والعادات.

المبادئ الرئيسة للمدرسة الاجتماعية الثقافية:

1-التأثير الثقافي:

يؤثر المجتمع والثقافة في تشكيل قيم الأفراد وتوجهاتهم.

2-التفاعل الاجتماعي:

يشير إلى أن التعلم يحدث على نحو أساسي من خلال التفاعل مع الآخرين.

3-نظرية فيجوتسكي:

يقترح أن التعلم يحدث في سياق اجتماعي من خلال التأثير الثقافي والتفاعل.

تساعد هذه المدرسة في مجال التعليم من خلال تعزيز دور الأسرة والمجتمع في تطوير الأطفال.

 

المدرسة التطورية:

المدرسة التطورية تهدف إلى تفسير السلوك البشري من خلال عدسة تطورية، حيث تركز على كيفية تطور السلوكيات كاستجابة لضغوط بيئية معينة لضمان البقاء.

المبادئ الأساسية للمدرسة التطورية:

1-الانتقاء الطبيعي:

تفسر تطور سلوكيات مثل الغيرة والحب والعدوانية كآليات تطورية للبقاء.

2-التكيفات:

السلوكيات التي تساعد الأفراد على التكيف مع البيئة تميل إلى الاستمرار عبر الأجيال.

3-التطور السلوكي:

يعتمد على تحليل كيف تؤثر البيئة في تكوين السلوكيات التي تساعد على البقاء.

تسهم المدرسة التطورية في دراسة السلوكيات البشرية من منظور تطوري، مما يساعد على فهم أعمق لدوافع الإنسان.

 

المدرسة الإيجابية:

تركز المدرسة الإيجابية على تحسين جودة الحياة وتعزيز السعادة من خلال تنمية الفضائل والقوة الشخصية. يعد مارتن سيليجمان من رواد هذه المدرسة، حيث أسس مفهوم علم النفس الإيجابي.

المبادئ الأساسية للمدرسة الإيجابية:

1-التركيز على الفضائل:

تهدف إلى تعزيز الجوانب الإيجابية مثل التفاؤل والأمل.

2-تحقيق الرضا النفسي:

العمل على تحسين جودة الحياة ورفع مستوى السعادة الشخصية.

3-الإستراتيجيات الإيجابية:

تقديم إستراتيجيات لتطوير الرضا والرفاهية.

تستخدم هذه المدرسة في تطوير إستراتيجيات تساعد الأفراد على عيش حياة مليئة بالسعادة والإنجاز.

 

المدرسة المعرفية السلوكية:

تعد المدرسة المعرفية السلوكية مزيجًا من الأساليب المعرفية والسلوكية، وتركز على تغيير الأفكار السلبية والسلوكيات غير المرغوب فيها. تعد هذه المدرسة فعالة على نحو خاص في علاج كثير من الاضطرابات النفسية.

المبادئ الأساسية للمدرسة المعرفية السلوكية:

1-التفكير الإيجابي:

تعتمد على تعديل الأفكار السلبية لتغيير السلوك.

2-التعلم السلوكي:

تستند إلى فكرة أن السلوك يمكن تغييره من خلال التوجيه والتدريب.

3-العلاج المعرفي السلوكي:

تقنية علاجية تستخدم لعلاج اضطرابات مثل الاكتئاب والقلق.

تعد هذه المدرسة من أشهر الطرق العلاجية في العصر الحديث لما تتمتع به من فعالية. 

الخاتمة

في ختام هذا المقال، يمكننا القول إن مدارس علم النفس تقدم لنا أدوات فريدة لفهم العقل والسلوك البشري من زوايا متعددة. بفضل تنوع هذه المدارس، تتاح لنا فرصة تحليل أعمق للنفس البشرية، مما يدعم جهود العلاج النفسي وتطوير الوعي الذاتي. تساعد هذه المدارس على تقديم حلول شاملة تناسب احتياجات المجتمع، وتجعل من علم النفس أداة قيمة لتحسين جودة الحياة.

 مراجع المقال:

القشاعلة، بديع. (2021). مدارس علم النفس. مركز السيكولوجي للنشر الإلكتروني النقب.

سليمان، سابق. (2019). مدارس علم النفس ونظرة المدرسة الإسلامية. البعث الإسلامي65(8-65)

مجول، مشرق. (2016). مدارس علم النفس. جامعة بابليون 

الأسئلة الشائعة

1-أهم المدارس في علم النفس؟

  1. المدرسة السلوكية
  2. المدرسة التحليلية (المدرسة الفرويدية)
  3. المدرسة المعرفية
  4. المدرسة الإنسانية
  5. المدرسة الجشطالتية
  6. المدرسة البيولوجية

2-عدد المدارس في علم النفس؟

هناك كثير من المدارس الفكرية في علم النفس، أبرزها نحو 6 مدارس رئيسة، ولكن هناك مدارس فرعية ومتعددة.

3- المدارس المختلفة في علم النفس؟

  1. السلوكية: تركز على دراسة السلوك القابل للملاحظة.
  2. التحليل النفسي: تركز على اللاوعي والصراعات الداخلية.
  3. المعرفية: تركز على العمليات العقلية مثل التفكير والتذكر.
  4. الإنسانية: تركز على تحقيق الذات والنمو الشخصي.
  5. الجشطالت: تركز على فهم الكل أكثر من الأجزاء.
  6. البيولوجية: تركز على تأثير الدماغ والجهاز العصبي على السلوك.

4-أفضل مدرسة فكرية في علم النفس؟

لا يوجد "أفضل" مدرسة على نحو مطلق؛ الأمر يعتمد على السياق ووجهات النظر. لكن المدارس المعرفية والسلوكية تحظى بشعبية واسعة في الأبحاث الحديثة.

 


تابعنا على :


التعليقات (0)

اترك تعليق

تعرف علي خدماتنا

فتح الدردشة
دراسة للاستشارات والدراسات والترجمة
أهلا
مرحبًا بكم في دراسة
كيف استطيع مساعدتك؟
Phone

الهاتف

تواصل معنا
أخفاء