مدخل الى مناهج البحث في التربية وعلم النفس
شارك مع أصدقائك :
مدخل الى مناهج البحث في التربية وعلم النفس
إن البحث العلمي عموماً والبحث التربوي على وجه الخصوص يحتلان مكاناً بارزاً في تقدم النهضة العلمية في الوقت الراهن؛ إذ تعتبر المؤسسات الأكاديمية هي المراكز الرئيسية لهذا النشاط العلمي الحيوي، لما لها من وظيفة أساسية في تشجيع البحث العلمي وتنشيطه وإثارة الحوافز العلمية لدى الطالب والدارس حتى يتمكن من القيام بهذه المهمة على أكمل وجه.
تعمل الجامعات على إظهار قدرة الطلبة في البحث العلمي عن طريق جمع المعلومات وعرضها بطريقة علمية سليمة في إطار واضح المعالم يبين قدرة الطالب على اتباع الأساليب الصحيحة في البحث والاستقصاء وإصدار الأحكام النقدية التي تكشف عن مستواه العلمي ونضجه الفكري والتي تمثل الميزة الأساسية للدراسة الأكاديمية.
وتبدو الحاجة إلى الدراسات والبحوث التربوية اليوم أشد منها في أي وقت مضى؛ فالعالم في سباق للوصول إلى أكبر قدر ممكن من المعرفة الدقيقة المستمدة من العلوم التي تكفل الرفاهية للإنسان، وتضمن له التفوق على غيره.
إذا كانت الدول المتقدمة تولي اهتماماً كبيراً للبحث التربوي فذلك يرجع إلى أنها أدركت أن عظمة الأمم تكمن في قدرات أبنائها العلمية والفكرية والسلوكية. والبحث التربوي ميدان خصب ودعامة أساسية لاقتصاد الدول وتطورها وبالتالي تحقيق رفاهية شعوبها والمحافظة على مكانتها الدولية.
ويقوم البحث التربوي أساساً على طلب المعرفة وتقصيها والوصول إليها، فهو في الوقت نفسه يتناول التربية في مجموعها ويستند الى أساليب ومناهج في تقصيه لحقائق التربية، والباحث عندما يتقصى الحقائق والمعلومات إنما يهدف الى إحداث إضافات او تعديلات في الميادين التربوية؛ مما سيسفر بالتالي عن تطويرها وتقدمها؛ حيث أن البحث التربوي أضحى اتجاها وتوجهاً مدروساً، فنحن نعيش عصراً تفجرت فيه ينابيع العلم واتسعت قنوات المعرفة ، وتعددت فيه مشكلات الإنسان ومعوقات تقدمه، وتشعبت تطلعاته وطموحاته الى حياة أكثر أمناً واستقراراً ورفاهية، ولم تعد فيه صفوف المدارس ولا قاعات الجامعات مواقع وحيدة لتحصيل العلم والمعرفة، ولم يعد المعلمون وأساتذة الجامعات مصدر الخبرة والعلم والتعليم فقط، ولم تعد الكتب المدرسية والجامعية ولا سواها من كتب وغيرها من أوعية المعرفة هي وسائل العلم والتعلم والتعليم الوحيدة، كما أنه لم تعد ثروات الشعوب ولا عدد السكان مقاييس لمكانتها، او عوامل لاستقرارها ورفاهيتها، او وسائل لحلول مشكلاتها، او أدوات لتحقيق تطلعاتها.
مدخل الى مناهج البحث في التربية وعلم النفس
من هنا جاء هذا الكتاب في مناهج البحث في التربية وعلم النفس معرفاً بهذا العلم، وتيسيراً على القارئ فقد قسمنا هذا الكتاب إلى ثلاثة عشر فصلاً، تناولنا في الفصل الاول المفاهيم والمبادئ الأساسية التي يقوم عليها البحث التربوي، ووظائفه، وخصائصه، وأهدافه، وأخلاقياته، وطرق الحصول على المعرفة.
أما في الفصل الثاني فقد تناولنا المراحل التي تمر بها عملية البحث التربوي، ابتداء باختيار المشكلة البحثية من مصادر متعددة وتحديدها، وصياغتها، وتحديد الأسئلة التي يسعى الباحث إلى الإجابة عنها والفرضيات التي يسعى إلى اختبارها، وطرق صياغة الفرضيات وأهميتها، إضافة إلى تحديد متغيرات البحث التربوي وتعريفها تعريفاً إجرائياً.
ويشتمل الفصل الثالث على شرح لأنواع البحوث التربوية وتصنيفاتها المختلفة، فمن حيث وظائف البحث هناك بحوث أساسية وبحوث تطبيقية وبحوث تقويمية، ومن حيث المنهج المستخدم هناك بحوث كمية وبحوث نوعية، أما من حيث تصميم البحث فهناك البحث التاريخي والبحث الوصفي الذي يندرج ضمنه عدد من الأشكال، مثل: الدراسات المسحية، ودراسة العلاقات التي تضم كلاً من دراسة الحالة، والدراسات العلية المقارنة، والدراسات الارتباطية، كما يشمل البحث الوصفي على الدراسات التطورية أو النمائية بما فيها من دراسات النمو التي قد تكون دراسات طولية أو دراسات مستعرضة، ودراسات الاتجاه التي تحدد كيفية تطور الظاهرة والتنبؤ بما يمكن أن يحدث لها في المستقبل. ومن جهة أخرى هناك البحث التجريبي مع توضيح لأنواع التجارب التي يتم تنفيذها حسب ظروف التطبيق: تجار معملية، وتجارب غير معملية، وحسب أفراد الدراسة: تجارب على مجموعة واحدة، وتجارب على أكثر من مجموعة، وحسب مدة الدراسة: تجارب قصيرة، وتجارب طويلة. كما تناول هذا الفصل البحث الإجرائي من حيث مفهومه وخصائصه.
أما الفصل الرابع من هذا الكتاب فقد جاء ليعرض عناصر مخطط البحث التربوي، بدءاً بكتابه التمهيد، فتحديد عنوان الدراسة المنوي إجراؤها، وتحديد فرضيات الدراسة أو أسئلتها، وتعريف المصطلحات إجرائياً، والتعرف إلى محددات الدراسة وصياغتها، مروراً بمراجعة الدراسات السابقة ذات العلاقة بمشكلة البحث، ثم تحديد طريقة الدراسة وإجراءاتها، والمنهج الذي سيتم اتباعه في تنفيذ الدراسة، وتحديد المراجع التي سيستعين بها الباحث في دراسته، والملاحق التي ستتضمنها.
ويتناول الفصل الخامس من هذا الكتاب مصادر المعلومات في البحث التربوي من خلال التعريف بأهمية الرجوع إلى مصادر المعلومات، وتصنيف هذه المصادر إلى: مراجع عامة، ومصادر أولية، ومصادر ثانوية، كما يركز هذا الفصل على مصادر المعلومات الإلكترونية وطرق البحث فيها، مع استعراض لأشهر المصادر الإلكترونية في مجال التربية وعلم النفس، مدعماً بالمواقع الإلكترونية لمراكز المعلومات في هذا المجال وبالأمثلة والأشكال التوضيحية، كما يبين هذا الفصل مزايا البحث الإلكتروني وخطوات مراجعة البحوث والدراسات السابقة، إضافة إلى أهمية استخدام بطاقات المرجع وبطاقات المحتوى.
أما الفصل السادس من هذا الكتاب فقد تناول المتغيرات في البحث التربوي بتصنيفاتها المختلفة: كمية وتصنيفية، ومتصلة ومنفصلة، واسمية وترتيبية وفئوية ونسبية، ومستقلة وتابعة وضابطة ومعدلة ووسيطة، كما تم التطرق ضمن هذا الفصل إلى أهداف ضبط المتغيرات والإجراءات المستخدمة في عملية الضبط، بالإضافة إلى مفهوم كل من الصدق الداخلي والصدق الخارجي، وطرائق التحقق من كل منهما، والعوامل المؤثرة فيهما، بشكل يقود الباحث إلى مجموعة من الإجراءات التي من شأنها أن تقلل من تأثير العوامل المهددة لكل من الصدق الداخلي والصدق الخارجي للبحث.
وكان تصميم البحوث التربوية محور اهتمام الفصل السابع من الكتاب، حيث تم التعرف إلى مفهوم التصميم وعناصره الأساسية، وخصائص التصميم الجيد، كما تم استعراض تصاميم البحوث الكمية وتصنيفاتها إلى: تصاميم ما قبل التجريبية، وتصاميم تجريبية حقيقية، وتصاميم شبه تجريبية، مدعمة بالأشكال والأمثلة التوضيحية، كما تناول هذا الفصل تصاميم البحوث النوعية وتصنيفاتها إلى: تصاميم إنثوغرافية (تفاعلية)، وتصاميم تحليلية (غير تفاعلية). وتضمن هذا الفصل مجموعة من المحكات التي تساعد في تقرير التصميم المناسب للدراسة سواء كانت كمية أم نوعية.
وتناول الفصل الثامن العينات في البحث التربوي، من حيث مفهوم مجتمع الدراسة وعينتها، وطرق اختيار العينات سواء كانت عشوائية (احتمالية) أو غير عشوائية (لا احتمالية)، والخصائص التي تميز كل طريقة من هذه الطرق، إضافة إلى استعراض للعوامل المؤثرة في حجم العينة.
أما الفصل التاسع فقد تناول أدوات البحث التربوي، من حيث: مفهوم أداة البحث وعرض لأبرز الأدوات المستخدمة في البحث التربوي (الاستبانة، والمقابلة، والملاحظة، والاختبار) من حيث مفهومها وأنواعها ومزاياها وعيوبها وطريقة استخدامها ومجالاتها. كما تم التعرض إلى طرائق التحقق من الخصائص السيكومترية لأداة البحث، والمتمثلة في: الصدق، والثبات، والموضوعية، والعوامل المؤثرة في كل خاصية من هذه الخصائص.
وكان للمعالجات الإحصائية الوصفية حيزاً في هذا الكتاب، حيث تناول الفصل العاشر طرق تمثيل البيانات: الطريقة الجدولية، والطريقة البيانية، بالإضافة إلى تطبيقات عملية على الإحصاء الوصفي باستخدام مقاييس النزعة المركزية ومقاييس التشتت، كما تضمن هذا الفصل تطبيقات على كل من الخطأ المعياري في القياس والعلامات المعيارية ومعاملات الارتباط.
أما الإحصاء الاستنتاجي أو التحليلي فقد كان محوراً للفصل الحادي عشر من هذا الكتاب، وذلك من خلال تطبيقاته في مجال اختبار الفرضيات والمفاهيم ذات العلاقة، مثل: أنواع الخطأ في فحص الفرضيات وعلاقتها بمستوى الدلالة، وخطوات فحص الفرضيات الإحصائية، واختبار الفرضيات المتعلقة بمتوسطي عينتين مستقلتين أو مترابطتين (غير مستقلتين)، واستخدام جدول توزيع "ت" و "ز".
كما كان للحزمة الإحصائية في العلوم الاجتماعية SPSS تطبيقات عملية في الفصل الثاني عشر من هذا الكتاب، من خلال إتاحة الفرصة للقارئ للتعرف إلى الكيفية التي يتعامل فيها مع الحاسوب في عمليات التحليل الإحصائي المتعلقة باختبار الفرق بين متوسطي عينتين مستقلتين أو غير مستقلتين، وحساب معامل الارتباط، وتقدير معامل الثبات لأداة ما.
وأخيراً جاء الفصل الثالث عشر لتوضيح طريقة تنظيم تقدير البحث التربوي وكتابته وإخراجه، مع التركيز على الأطر العامة المتعلقة بالأقسام الرئيسة والفرعية للتقرير، وطريقة التوثيق في المتن وفي قائمة المراجع اعتماداً على التعليمات المعمول بها في المؤسسات التربوية والجامعات الأردنية.
لقد حاولنا في هذا الكتاب أن نقدم عرضاً متوازناً ومتكاملاً بين الجوانب النظرية والتطبيقية بحيث يخدم أحدهما الآخر، كما قدمنا عدداً لا بأس به من الأشكال التوضيحية التي تيسر استيعاب المفاهيم والمهارات الأساسية، مدعمة بالأمثلة والمواقف البحثية التي نأمل أن يفيد منها الطلبة والباحثون أينما كانوا، ونرجو من الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا الكتاب عوناً لهم في إعداد مخططاتهم البحثية وتطبيقها، وكتابة تقارير البحوث وتفسير نتائجها.
تحميل كتاب مناهج البحث فى التربية و علم النفس
التعليقات (1)
555
14-12-2022